المملكة العربية السعودية: البيان الختامي الصادر عن خبراء الصندوق بشأن بعثة مشاورات المادة الرابعة لعام 2022

21 يونيو 2022

يصف البيان الختامي الاستنتاجات المبدئية التي يخلص إليها خبراء صندوق النقد الدولي في ختام زيارة (أو "بعثة") رسمية تتم في الغالب إلى بلد عضو. وتوفَد البعثات باعتبارها جزءا من المشاورات المنتظمة (السنوية في العادة) بمقتضى المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس الصندوق، ويأتي ذلك في إطار  المناقشات بشأن البرامج التي يتابعها خبراء الصندوق، أو في إطار ما يجريه الخبراء من عمليات متابعة أخرى للتطورات الاقتصادية.

وقد وافقت السلطات الوطنية على نشر هذا البيان. وتعبر الآراء الواردة فيه عن وجهات نظر خبراء الصندوق ولا تمثل بالضرورة آراء مجلسه التنفيذي. وبناء على الاستنتاجات المبدئية التي خلصت إليها البعثة، سيعِد خبراء الصندوق تقريرأً يقدَّم بعد موافقة الإدارة العليا، إلى المجلس التنفيذي للصندوق للمناقشة واتخاذ القرار.

واشنطن العاصمة: أجرت بعثة من صندوق النقد الدولي، بقيادة السيد أمين ماطي، مناقشات في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2022 مع المملكة العربية السعودية في الفترة 23 مايو-6 يونيو.

نجحت المملكة العربية السعودية في التعامل مع جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19)، وهي في وضع مواتٍ يمكنها من تجاوز المخاطر الناجمة عن الحرب في أوكرانيا وتشديد السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة. تشهد الأنشط ة الاقتصادية انتعاشاً قوياً مدعوماً بارتفاع أسعار النفط والإصلاحات التي تم إطلاقها في ظل "رؤية السعودية 2030". سيساعد التزام السلطات بالانضباط المالي على زيادة تعزيز الاستدامة المالية والخارجية وتجنب التقلبات الدورية ، كما ستساعد ا لإصلاحات الهيكلية المخطط لها على تحقيق تعافٍ قوي و شامل وصديق للبيئة.

يشهد اقتصاد المملكة انتعاشاً قوياً بعد الركود الناجم عن الجائحة. وساعد على تحقيق هذا التعافي دعم السيولة والدعم المقدم من المالية العامة، وزخم الإصلاحات، وارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه. ونتيجة لمعدلات التطعيم المرتفعة وقِصر مدة انتشار فيروس أوميكرون المتحور من كوفيد 19، تم رفع الاجراءات الاحترازية عن الحركة المحلية والسفر الدولي. حقق الاقتصاد معدل نمو قوي بلغ 3,2% في عام 2021، مدفوعاً في الأساس بتعافي قطاع التصنيع غيرالنفطي وقطاع التجزئة (بما في ذلك التجارة الإلكترونية) والقطاع التجاري. ورغم زيادة مشاركة المواطنين في القوى العاملة وما حققه ذلك من تعويض عن مغادرة الوافدين، انخفض معدل البطالة بين السعوديين ليصل إلى 11%، أي بتراجع قدره 1,6 نقطة مئوية عن عام 2020، نتيجة ارتفاع معدلات توظيف المواطنين السعوديين وبخاصة المرأة في القطاع الخاص.

لا ت زال معدلات التضخم محتواة ، على الرغم من بعض الدلائل على ظهور بعض ال ضغوط التضخمية. فقد بلغ متوسط التضخم 3,1% في عام 2021 وظل منخفضا منذ منتصف العام، حيث تلاشى تأثير سنة الأساس المتعلق بارتفاع ضريبة القيمة المضافة في منتصف عام 2020، ويأتي ذلك بالرغم من بعض الضغوط الناجمة عن ارتفاع أسعار الغذاء والبنزين، وهو ما أدى إلى تحديد سقف لأسعار البنزين المحلية في يوليو 2021. وما يفسر بقاء التضخم منخفضاً عند مستوى 2,3% (على أساس سنوي) في إبريل 2022 هو محدودية انعكاس أسعار الأغذية والسلع الأولية في الأسواق العالمية على الأسعار المحلية، نظرا لتحديد بعض الأسقف السعرية ودعم الأسعار، إلى جانب انخفاض الإيجارات، التي تمثل أكثر من 20% من سلة الرقم القياسي لأسعار المستهلك. ومع ذلك، يشير تضخم أسعار الجملة الذي وصل إلى مستوى برقمين، وتصاعد أسعار السلع الأولية، وارتفاع تكاليف الشحن/الخدمات اللوجستية إلى ارتفاع التضخم في الفترة القادمة.

تحسن الحساب الجاري نتيجة ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج النفطي، فقد حقق فائضاً قدره 5,3% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021، بعد أن سجل عجزاً قدره 3,2% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020، حيث تجاوزت الصادرات القوية المدفوعة بالنفط الواردات المتنامية والتدفقات الخارجة الكبيرة من تحويلات العاملين. وتراجعت الاحتياطيات الأجنبية إلا أنها ظلت عند مستويات مريحة جدا.

آفاق الاقتصاد–نظرة إيجابية مع مخاطر متوازنة

التداعيات المباشرة للحرب في أوكرانيا على المملكة لا تُذكر. فتأثير الحرب يُبقي أسعار النفط في مستوى مرتفع يفوق كثيراً التنبؤات السابقة للمدى المتوسط، مما سيعزز هوامش الأمان المالية والخارجية في المملكة. وتؤدي محدودية الروابط المباشرة مع روسيا وأوكرانيا على الصعيدين التجاري والمالي، ومن ذلك الانكشاف الضئيل من خلال صندوق الثروة السيادية السعودي، إلى تقليص الأثر على الاقتصاد السعودي بدرجة أكبر.

الآفاق الاقتصادية للمملكة إيجابية في المديين القريب والمتوسط مع استمرار انتعاش معدلات النمو، و احتواء التضخم، وتعزيز قوة المركز الخارجي . وفي ظل تزايد إنتاج النفط وفقاً للجدول الزمني الذي حددته أوبك+ لاستعادة مستوى الإنتاج والزخم المستمد من استمرار جدول الأعمال الإصلاحي الطموح في ظل "رؤية المملكة 2030"، من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي الكلي بمقدار 7,6% في عام 2022 على الرغم من تشديد السياسة النقدية المتوقع على مدار الأشهر القليلة القادمة وضبط أوضاع المالية العامة على مستوى الحكومة المركزية في الفترة المقبلة. وسيزداد النمو غير النفطي إلى 4,2% في عام 2022 قبل أن يعود إلى مستواه الممكن على المدى المتوسط مع سد فجوة الناتج واستمرار تحقيق عوائد من المشروعات الاستثمارية والإصلاحات. وسوف يتسارع معدل التضخم الكلي في النصف الثاني من عام 2022 ولكنه سيظل تحت السيطرة عند مستوى 2,8% في المتوسط في عام 2022، إذ أن ارتفاع سعر صرف الدولار المستمر، والأسقف المحددة لأسعار البنزين، ودعم أسعار القمح، واستمرار الركود في سوق العمل تساعد جميعها على احتواء الضغط الناجم عن صدمات سلاسل الإمداد. وسوف يزداد فائض الحساب الجاري ليصل إلى 17,4% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022، وهو مستوى لم يسٌجَّل منذ عام 2013، في حين من المتوقع أن تستقر الاحتياطيات عند مستوى يقارب 28 شهراً من الواردات على المدى المتوسط.

تحيط بالآفاق الاقتصادية احتمالات متوازنة. فعلى الصعيد الإيجابي، يمكن أن يؤدي تحقيق مكاسب من التنفيذ الناجح اللاستراتيجية الوطنية للاستثمار وإصلاحات سوق العمل، أو إجراء زيادات أكبر في إنتاج النفط، إلى مزيد من التحسن في هذه الآفاق الاقتصادية. وعلى الصعيد السلبي، تنبع المخاطر الأساسية من إنفاق عائدات النفط الاستثنائية والانحراف عن المسار المحدد في جدول أعمال الإصلاحات، والضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع أسعار الغذاء، وظهور موجة أخرى من فيروس كوفيد 19 (محليا أو في الخارج)، وانخفاض أسعار النفط بسبب انخفاض النشاط العالمي إذا استمرت آثار الحرب في أوكرانيا، وحدوث تباطؤ اقتصادي مفاجئ في الصين.

السياسات

يتعين أن تكفل أولويات السياسات إدارة الزيادة في الإيرادات النفطية مع الحفاظ على قوة النمو بقيادة القطاع الخاص ودفع عجلة الإصلاحات لتحقيق اقتصاد أكثر اخضرارا. وينبغي أن تواصل السياسات تنفيذ إصلاحات "رؤية المملكة 2030" لفتح الاقتصاد وتنويعه، بما في ذلك عن طريق تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للاستثمار. ومن المتوقع أن يساعد ذلك، إلى جانب استمرار الالتزام بالانضباط المالي، على تجنب التقلبات الدورية المرتبط ة بدورات الانتعاش والكساد السابقة المدفوعة بالنفط وضمان استمرار زخم الإصلاح الرامي إلى تحقيق اقتصاد متنوع.

سياسة المالية العامة – إدارة المكاسب الاستثنائية ومواصلة ضبط أوضاع المالية العامة

سيفوق أداء المالية العامة في 2022 توقعات الميزانية. من المتوقع أن يؤدي انحسار آثار الجائحة وارتفاع أسعار النفط وزيادة قوة الاقتصاد إلى تحسن كبير في مركز المالية العامة في 2022. ويتوقع خبراء الصندوق تحقيق فائض يبلغ 5,6% من إجمالي الناتج المحلي هذا العام (مقابل 2,5% في الميزانية)، حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار توصيات الخبراء بشأن الموارد الإضافية لدعم المواد الغذائية ورصد مزيد من المخصصات لشبكات الأمان الاجتماعي الموجهة للمستحقين والتي ستعود بالمنفعة على الفئات المتضررة. وسوف تتراجع نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي على مستوى الحكومة المركزية إلى 24,2%، في حين ستتحسن نسبة صافي الأصول المالية إلى إجمالي الناتج المحلي للحكومة المركزية لتبلغ –8,7%، مقابل –17,7% في 2021.

ينبغي أن تركز سياسة المالية العامة على إدارة المكاسب من ارتفاع الإيرادات النفطية بشكل مستدام، مع مواصلة ضبط أوضاع المالية العامة من خلال تنفيذ مبادرات التحول المعتمدة. وتفترض توقعات خبراء الصندوق أن معظم التصحيح غير المرتبط بالنفط سيعتمد على تخفيض النفقات بما يعكس الإلغاء التدريجي للتدابير المرتبطة بالجائحة، وتقليص النفقات الرأسمالية نتيجة الانتهاء من تنفيذ بعض المشروعات، ومكاسب الكفاءة الناتجة عن الاستخدام الكامل لمنصة "اعتماد" الإلكترونية، وخطط الحكومة لترشيد فاتورة الأجور.

على المدى المتوسط، ستظل جهود ضبط أوضاع المالية العامة ضرورية لزيادة هوامش الأمان مع السماح بالإنفاق الذي يظل مستداما مع اختلاف مستويات أسعار النفط. ويتعين أن تُبنى زيادة ضبط أوضاع المالية العامة على الإصلاحات التي بدأ تنفيذها بالفعل:

  • زيادة الإيرادات غير النفطية يظل مطلباً مهماً: فقد بُذِلَت جهود كبيرة على مدار الأربع سنوات الماضية حيث ارتفعت الإيرادات غير النفطية بمقدار الضعف وبلغت 12,8% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي. ومع هذا، تظل هذه النسبة أقل بكثير من متوسط مجموعة العشرين، ويتعين تحصيل مزيد من الإيرادات غير النفطية. وتوصي البعثة بالإبقاء على معدل ضريبة القيمة المُضافة الجديد – الذي ارتفع بمقدار ثلاثة أضعاف أثناء جائحة كوفيد-19 – وتوسيع إمكانات زيادة الإيرادات المحتملة. مع أهمية تنفيذ استراتيجية متكاملة لإدارة الإيرادات تحسب تكاليف مبادرات زيادة الإيرادات.
  • إصلاحات أسعار الطاقة : رحبت البعثة بالتقدم في إصلاحات أسعار الطاقة التي أدت إلى خفض مستويات الدعم بمقدار النصف في الفترة بين 2010 و2020. ومع هذا، لا تزال هذه المستويات مرتفعة، وفي ظل الارتفاع الكبير في أسعار النفط فإن المجال متاح لرفع الحد الأقصى لأسعار البنزين والنظر في زيادة أسعار منتجات الوقود الأخرى بقدر أكبر مما كان مخططاً له. وينبغي تخصيص جزء من المدخرات التي تحققت بفضل هذه الزيادات لتوسيع البرامج الاجتماعية الموجهة بدقة للمستحقين – بما فيها برنامج "ضمان" و"حساب المواطن" – في حين تواصل الحكومة سعيها لإصلاح نظام الضمان الاجتماعي بهدف إنشاء سجل اجتماعي موحد والسماح بالتحول إلى نظام شبكة الأمان الاجتماعي المبني على أساس الاحتياجز
  • ترحب البعثة بالتزام المملكة بالحفاظ على استدامة المالية العامة وبالجهود المبذولة لتجنب مسايرة اتجاهات الدورة الاقتصادية بوضع سقف للإنفاق لا يتأثر بتقلبات أسعار النفط . ومن أجل تقديم دعم أفضل لهذه الجهود وللإصلاحات التي حققها "برنامج الاستدامة المالية"، توصي البعثة بوضع قاعدة للنفقات تقوم على ركيزة طويلة المدى للمالية العامة تساعد المملكة العربية السعودية على نحو أفضل في تحقيق أهدافها للنمو والاستقرار. ويتعين دعم هذه الإصلاحات من خلال:
  • بذل مزيد من الجهود لتوسيع نطاق تغطية القطاع العام: فالزيادة التي شهدها صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادية) وصندوق التنمية الوطني والكيانات الأخرى المعنية بالاستثمارات العامة تجعل إدراج أنشطتها ضمن القطاع العام ومراقبتها بانتظام أمراً ضرورياً لتقييم حقيقة موقف المالية العامة ومركزها في المملكة. وأكدت البعثة مشورتها التي أسدتها من قبل بتعجيل عمل الحكومة الجاري نحو وضع إطار لإدارة الأصول والخصوم السيادية، وهو ما ينبغي أن يُبنى على فهم سليم للميزانية العمومية للقطاع العام.
  • مواصلة تحسين إدارة المالية العامة: ينبغي أن تواصل الحكومة الخطوات المهمة التي اتخذتها نحو إنشاء إطار قوي متوسط الأجل للمالية العامة، والتحول إلى نظام يعتمد على الأداء في إعداد الميزانية، والإعداد لحساب الخزانة الواحد، وتعزيز متطلبات الإفصاح عن الميزانية. ويتعين توخي الحرص في مراقبة الضمانات والمطلوبات الطارئة والإفصاح عنها، ولا سيما في ظل التوقعات الحالية بزيادة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

ينبغي مواصلة إدارة الديون بشكل سليم لدعم سياسة المالية العامة وتطوير السوق المالية: فلا يزال الدين العام عند مستويات مستدامة، ومن المتوقع أن يظل ثابتا بالقيمة الاسمية، حيث تخطط المملكة لإعادة تمويل ديونها الحالية بدلاً من الاعتماد على زيادة الإيرادات النفطية في سداد الديون. وتدعم البعثة هذه الاستراتيجية التي تتضمن تمديد آجال استحقاق الديون، وتخفيض تكاليف إعادة تمويلها وإنشاء منحنى للعائد في الأسواق المحلية والدولية. كما يجدر الترحيب بخطط إصدار سندات خضراء في 2022.

السياسات النقدية وسياسات القطاع المالي – تأثير محدود لتشديد الأوضاع العالمية بفضل مستويات الرسملة القوية التي يتمتع بها القطاع المصرفي

يُتوقع أن يكون التأثير الناجم عن زيادة تشديد أوضاع السياسة النقدية العالمية محدود اً وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط. وفي ظل الهيكل الحالي للنظام المصرفي السعودي – الذي يتسم بتدني نسب التمويل بالجملة وارتفاع حجم الودائع دون فوائد – يُتوقع أن يؤدي رفع أسعار الفائدة تماشياً مع تشديد السياسة النقدية الأمريكية إلى آثار إيجابية على ربحية البنوك. كذلك يخلص التحليل الأولي للخبراء إلى أن التأثير شبه منعدم على نمو الائتمان وإجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وإيجابي على ربحية القطاع المصرفي في حالة ارتفاع أسعار النفط ومستويات السيولة.

يتم احتواء مخاطر الاستقرار المالي بشكل جيد . فمستويات الربحية والسيولة والرسملة جيدة على مستوى النظام المصرفي. ولا تزال نسب القروض المتعثرة منخفضة بالرغم من انتهاء العمل ببرنامج تأجيل دفعات القروض الذي تم إطلاقه أثناء جائحة كوفيد لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وتساعد متطلبات السلامة الاحترازية الكلية – مثل نسبة القروض إلى قيمة العقار، ونسبة خدمة الدين إلى الدخل، والروابط الواضحة بين القروض والرواتب – في الحد من المخاطر التي تواجه النظام المصرفي بسبب الزيادة السريعة في قروض العقارات السكنية التي لا يزال من الضروري استمرارية إخضاعها للمتابعة الدقيقة. ومن شأن مواصلة العمل على تنفيذ الإطار التنظيمي الجديد للبنوك الإسلامية وإطار نظام المعالجة، وتعزيز الجهود من أجل تطبيق متطلبات بازل 4، أن يساعدا على الحد من المخاطر بدرجة أكبر.

يظل ربط العملة بالدولار الأمريكي ملا ئماً في ظل هيكل الاقتصاد السعودي . فلا تزال هذه السياسة مفيدة للمملكة إلى حد كبير في دعم استقرارها النقدي. ويظل المركز الخارجي للسعودية متسقاً بشكل عام مع الأساسيات الاقتصادية متوسطة الأجل، مع توافر احتياطيات كافية لاستمرار الربط.

الإصلاحات الهيكلية–تحقيق نمو قوي ومستدام وشامل وأكثر اخضراراً

يتعين الاستمرار في تنفيذ جدول أعمال الإصلاحات الهيكلية الطموحة في إطار رؤية المملكة 2030 بغرض تنويع الاقتصاد السعودي ودعم النمو . وتقوم هذه الرؤية على تنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية والمؤسسية استناداً إلى برامج تحقيق الرؤية ومجموعة من مؤشرات الأداء الرئيسية لمراقبة التقدم المحرز. وتعتمد الرؤية على ثلاث ركائز أساسية، وهي إيجاد مجتمع حيوي وبناء اقتصاد مزدهر وتعزيز القدرات الحكومية، وتتضمن 13 برنامجا لدعم تحقيقها. وقد تم اتخاذ مجموعة من الخطوات المهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية، ومن ذلك إطلاق أكثر من 300 مبادرة وتبسيط القواعد التنظيمية منذ بداية تنفيذ الرؤية. وتشمل الإنجازات المحققة ارتفاع نسب تملك المنازل، وتجاوز نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل نسبة 30% المستهدفة لعام 2030 حيث بلغت 35%، وزيادة سهولة ممارسة الأعمال (نافذة موحدة لتسجيل الشركات في 3 دقائق)، والاعتماد بدرجة أكبر على الوسائل الرقمية في تنفيذ العمليات الحكومية (المشتريات والأجور والخدمات الاجتماعية)، وزيادة الاستثمارات تماشيا مع الاستراتيجية الوطنية للاستثمار. غير أن مستوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة يظل متدنيا بالرغم من الانتعاش الهائل الذي شهده في عام 2021، حيث أن وتيرة التنويع الاقتصادي من خلال التحول إلى سلة منتجات أكثر تطورا لا تزال محدودة.

يتطلب دعم المزيد من الاستثمارات في القطاع الخاص المعايرة الدقيقة لمختلف العناصر المستهدفة في رؤية المملكة 2030 . وينبغي أن يخضع استخدام الموارد العامة –– بما في ذلك صندوق الاستثمارات العامة الذي يتولى إطلاق الأنشطة الجديدة – لتحليلات دقيقة لقياس التكاليف والمنافع الناتجة عنه بما يضمن استمرار الصندوق في تحقيق عوائد مرتفعة وزيادة مشاركة القطاع الخاص. وستساعد إصلاحات سوق العمل – بما في ذلك تيسير حركة العمال الوافدين من خلال إصلاح نظام التأشيرات، وتعزيز برامج التعليم والتدريب، وسد الفجوات بين الجنسين – على توظيف عدد أكبر من المواطنين السعوديين في القطاع الخاص وتقليص التفاوت في الأجور. وسيساهم تعزيز الحوكمة، وتطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والرقمنة في دعم تنمية القطاع الخاص.

تبذل المملكة جهود اً مشجعة على صعيد سياسات المناخ الرامية إلى تخفيف آثار التغير المناخي والتكيف معها . وتهدف مبادرة السعودية الخضراء التي أُعلن عنها عام 2021 إلى الحد من انبعاثات الكربون، بما في ذلك من خلال تلبية 50% من احتياجات الطاقة المحلية للمملكة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 (مقابل 1% في الوقت الحالي)، وإلى رفع الغطاء النباتي من خلال زارعة 10 مليارات شجرة لتكون بمثابة مصرّف للكربون، وذلك استنادا إلى استراتيجية مياه تراعي مواطن تأثر المملكة بالتغيرات المناخية. كذلك تعكف الحكومة على زيادة الاستثمارات في مجال إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر، فضلاً عما تقوم به من أعمال البحث والتطوير التي تركز على مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون. غير أن تحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء يستلزم تنفيذ خارطة طريق مفصلة تتضمن معلومات دقيقة عن حجم الاستثمارات اللازمة ومدى إمكانية تنفيذها باستخدام التقنية المستدامة. ويتعين أيضًا أن تتسق الاستراتيجية عموماً مع الإصلاحات الجارية في أسعار الطاقة، التي تمثل عنصراً أساسيا في الحد من الانبعاثات، وكذلك مع إصلاحات أسعار المياه.

***********

يود فريق البعثة توجيه الشكر إلى حكومة المملكة العربية السعودية وجميع الأطراف الذين التقى بهم الفريق من خارج القطاع الحكومي على تعاونهم الوثيق وتخصيص جزء كبير من وقتهم للمشاركة في الاجتماعات، وكذلك على وضوحهم ومعلوماتهم المثرية خلال مناقشاتهم مع البعثة.

إدارة التواصل، صندوق النقد الدولي
قسم العلاقات الإعلامية

مسؤول الشؤون الصحفية: Nadya Saber

هاتف:7100-623 202 1+بريد إلكتروني: MEDIA@IMF.org