كلمة السيدة كريستالينا غورغييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي، في فعالية مجموعة العشرين تحت رئاسة المملكة العربية السعودية حول تعزيز إتاحة الفرص في البلدان العربية

30 سبتمبر 2020

السلام عليكم!

شكرا، معالي الوزير الجدعان، على قيادتك أثناء رئاسة السعودية لمجموعة العشرين، وعلى شراكتكم في إقامة هذه الفعالية رفيعة المستوى التي تأتي في حينها.

جائحة كوفيد-19 تجعل زيادة إتاحة الفرص مطلبا أكثر إلحاحا

معالي الوزير، السادة المحافظون، الزملاء الكرام، من دواعي فخري واعتزازي أن أكون معكم اليوم.

وأود في البداية أن أتقدم بخالص التعازي القلبية إلى شعب الكويت. فقد تلقيت ببالغ الحزن والأسى خبر وفاة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح. لقد كان رجل دولة عظيما وسيكون فقده مبعثا للألم. 

إن إتاحة الفرص قضية ذات أهمية عميقة، بما في ذلك للصندوق. إنها قضية أولاها الشيخ صباح اهتماما بالغا. وقد باتت أكثر أهمية أثناء أزمة كوفيد-19، التي يقع ضررها الأكبر على من يفتقرون إلى الفرصة بالفعل.

فكيف نكافح الجائحة ونساعد الفئات الأكثر ضعفا حين تكون الميزانيات مثقلة بالأعباء؟

باتباع المثل العربي السائر "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد".

مجالات العمل الأساسية المتعلقة بالسياسات تتضمن الإنفاق الاجتماعي، وتوظيف الشباب والنساء، وسد الفجوات الرقمية

علينا أن نبادر بالتحرك اليوم لأن المنطقة والعالم يمران بلحظة تحول – فبينما نواجه التيارات المعاكسة المترتبة على الجائحة، فإننا نستقبل على الأقل بعض الرياح المواتية بفضل استمرار الإنفاق لمكافحتها، والتحول الرقمي المتسارع الذي نشهده على مستوى العالم.

وستؤثر القرارات التي تتخذ الآن على حياة أكثر من 420 مليون عربي لسنوات وعقود قادمة. وتأهيلهم لاقتصاد عالمي سريع التغير هو عمل اليوم، ويجب ألا يؤجَّل. وسيساعد العمل في ثلاث مجالات على زيادة إتاحة الفرص.

أولا، تحسين شبكات الأمان الصحي والاجتماعي. ويمكن تمويل ذلك من خلال الضرائب التصاعدية على الدخل وعلى الممتلكات والسلع. ومن شأن تحديد أولويات الإنفاق ورفع الكفاءة أن يساعدا أيضا في هذا الصدد. ستقل وفيات الأطفال التي يمكن تجنبها. سيزداد عدد الفتيات غير الأميات. سيقل عدد من يعيشون في غمار الفقر.

وبالرغم من التقدم الكبير، فإن نتائج الصحة والتعليم في هذه المنطقة ليست على مستوى النتائج التي تحققها بلدان مماثلة في مناطق أخرى. هناك "فجوة كفاءة". ولكن إذا حصلت البلدان العربية على قيمة أكبر مقابل الأموال التي تنفقها بالفعل، فإن تقديرات الصندوق تشير إلى أن العالم العربي يمكنه سد ثلث فجوة الصحة والتعليم دون أي إنفاق جديد.

ومع ذلك، فإن بعض البلدان العربية تنفق بكفاءة، بما في ذلك إنفاقها لأغراض مواجهة الجائحة.

لننظر إلى استجابة الأردن الأولية لجائحة كوفيد، التي تضمنت فرض إغلاق عام سريع مع إجراء اختبارات واسعة النطاق ذلت أسعار معقولة للكشف عن الفيروس، واتخاذ خطوات لتخفيف الأضرار الاقتصادية. وشملت هذه الخطوات تقديم تخفيف ضريبي فوري للشركات، ودعم نقدي للفئات الضعيفة من العاملين بأجر يومي.

وبالنسبة لاختبارات الكشف عن فيروس كورونا، فإن الإمارات العربية المتحدة والبحرين تحتلان مرتبة بين أفضل بلدان العالم في هذا الخصوص.

ثانيا، زيادة توظيف الشباب والنساء. ومما سيساعد في هذا المجال معالجة عدم الاتساق بين المهارات المتاحة والمطلوبة، وإزالة القيود القائمة على نوع الجنس، وتعزيز الرعاية الصحية للأطفال وغيرها من سبل الدعم.

وقد حققت المملكة العربية السعودية تقدما ملحوظا في هذا المجال. ففي خلال عامين فقط، حدث ارتفاع كبير في نسبة السعوديات اللاتي يعملن أو يسعين للحصول على عمل. واستحدثت المملكة تشريعا ضد التمييز في مكان العمل وحظرت التمييز في الأجور على أساس نوع الجنس أو السن أو غيرها من العوامل غير ذات الصلة. وسيكون الإنفاذ الذكي لهذه الإجراءات هو المحدِّد النهائي للنجاح. وهناك إجراءات إضافية مطلوبة. ولكن هناك تقدما مهما في سبيله للتحقق.

والمجال الثالث للتحرك دون إبطاء هو سد الفجوات الرقمية.

فعلى نحو متزايد، أصبح الوصول إلى خدمة الإنترنت يعني الوصول إلى الصحة والتعليم والتجارة والخدمات والمزايا المالية والحكومية.

وباختصار، الوصول إلى الإنترنت هو بالفعل وصول إلى الفرصة.

والاستثمار مطلوب في العنصرين المادي والبشري اللذين تقوم عليهما البنية التحتية الرقمية – تدريب المبرمجين والمهندسين، بالإضافة إلى إنشاء كابلات الألياف البصرية وأبراج الإنترنت. وللوصول الرقمي مزايا واضحة: فالمغرب، على سبيل المثال، يقدم إعانات نقدية لنسبة 85% من العمالة غير الرسمية المؤهلة باستخدام الهواتف المحمولة.

كيف يمكن للصندوق المساعدة

وكما يعمل كل بلد عربي لتطويع مثل هذه السياسات بما يتناسب مع احتياجاته الخاصة. فإن الصندوق متأهب للمساعدة.

ونحن نقدم مساعدات تتعلق بالسياسات – سواء على أساس ثنائي أو من خلال الأبحاث مثلما هو الحال مع تقريرنا عن تعزيز إتاحة الفرص الصادر في مايو الماضي، والدراسة التي أصدرناها أمس بعنوان الإنفاق الاجتماعي لتحقيق النمو الاحتوائي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

ونحن ندعم تنمية القدرات، للمساعدة في وضع الأبحاث موضع التنفيذ العملي.

ونقدم التمويل حيثما دعت الحاجة. وقد قدمنا قروضا إضافية لثمانية بلدان عربية هذا العام، بمجموع ائتمان كلي قدره 26 مليار دولار أمريكي للمنطقة. ونحن في وضع يسمح لنا بتقديم المزيد.

وبينما نستعد لاجتماعاتنا السنوية، مراكش 2021، فنحن نتعاون مع العالم العربي في بحث كيفية تشجيع تعافٍ أكثر شمولا للجميع، وكذلك أكثر خضرة وإنصافا وذكاء.

هذا هو عمل اليوم. ولا يمكننا تأجيله.

شكرا.