Credit: UNITED STATES - AUGUST 23: A man walks by the Marriner S. Eccles Federal Reserve Board Building on Constitution Avenue, NW, August 23, 2016. (Photo By Tom Williams/CQ Roll Call) (Newscom TagID: rollcallpix100160.jpg) [Photo via Newscom]

النظام المالي العالمي يواجه طريقاً لا يخلو من العثرات

لا تزال البيئة الاقتصادية الحالية مواتية، لكن مخاطر المدى القصير التي تواجه الاستقرار المالي العالمي زادت في الستة أشهر الأخيرة، نتيجة للارتفاع الحاد في تقلب أسواق الأسهم خلال شهر فبراير الماضي واستمرار مخاوف المستثمرين بشأن تصاعد التوترات التجارية والجغرافية-السياسية. وبالنظر إلى الفترة المقبلة، تبدو احتمالات هبوط النشاط الاقتصادي مرتفعة، بل إن هناك احتمال بسيط بأن ينكمش الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط.

وينبغي لصناع السياسات اغتنام فرصة هذه البيئة المواتية لاتخاذ خطوات تخفض المخاطر. فبالنسبة لاقتصادات الأسواق الصاعدة، يعني هذا تعزيز أساسيات الاقتصاد وهوامش الأمان التي تتيح التصدي للصدمات الخارجية؛ وبالنسبة للاقتصادات المتقدمة، يعني هذا نشر وتطوير أدواتها المستخدمة للتنظيم والسياسة المالية واستيفاء تنفيذ الخطط الموضوعة لتقوية المؤسسات المالية.  

ويقوم تقييم الاستقرار المالي العالمي الوارد في آخر عدد من تقرير الاستقرار المالي العالمي (GFSR) على منهج "النمو المعرض للخطر" الجديد* الذي يربط الأوضاع المالية بتوزيع النمو الاقتصادي في المستقبل. ونظرا للأوضاع المالية الحالية، نجد أن الاستقرار المالي والنمو يتعرضان لمخاطر مرتفعة على المدى المتوسط. ويأتي هذا انعكاساً للسنوات الأخيرة من أسعار الفائدة المنخفضة – التي كانت لازمة لدعم النمو الاقتصادي – التي هيأت بيئة سمحت بتراكم مواطن الضعف. ويمكن أن تؤدي مواطن الضعف تلك إلى تفاقم الهبوط الاقتصادي القادم ويمكن أن تجعل الطريق القادم مليئاً بالعثرات.

فكيف يمكن لمواطن الضعف المالي الحالية أن تجعل الطريق القادم مليئاً بالعثرات؟ إن زيادة الاختلالات تعني أن أي صدمة يتعرض لها النظام الاقتصادي أو المالي من شأنها أن تؤدي إلى تعديل أكثر إيلاماً. فعلى سبيل المثال، زيادة التضخم في الولايات المتحدة بسرعة أكبر من المتوقع يمكن أن تؤدي بالاحتياطي الفيدرالي وغيره من البنوك المركزية إلى سحب إجراءات التيسير النقدي بسرعة أكبر من المتوقع حالياً، وهو ما يمكن أن يهز الأسواق المالية. ومن المخاطر الأخرى اتساع نطاق التصعيد للإجراءات الحمائية، مما يمكن أن يؤثر على الأسواق المالية وكذلك على النمو. وفي الحالتين، يمكن أن يتسبب انخفاض أسعار الأصول بصورة مفاجئة إلى كشف مواطن الضعف في النظام المالي.

ويحدد تقرير الاستقرار المالي العالمي ثلاثة مجالات يشوبها الضعف: تراجُع جودة الائتمان، ومواطن الضعف المتعلقة بالدين الخارجي في الأسواق الصاعدة والبلدان منخفضة الدخل، وعدم اتساق السيولة الدولارية بين البنوك خارج الولايات المتحدة. ولننظر في كل منها على حدة:

وبصورة منفصلة، نظر تقرير الاستقرار المالي العالمي في ظهور الأصول المشفرة. فمن الممكن أن تؤدي بعض التكنولوجيات التي تقوم عليها هذه الأصول إلى تعزيز كفاءة البنى التحتية للأسواق المالية، مثل نظم الدفع. لكنها منيت أيضاً بممارسات الاحتيال والخروقات الأمنية والإخفاقات التشغيلية – وارتبطت بالأنشطة غير المشروعة. وبينما يشير حجمها المحدود إلى ضآلة مخاطرها على استقرار النظام المالي في الوقت الراهن، فإن المخاطر يمكن أن تزداد إذا اتسع نطاق استخدامها دون وجود ضمانات وقائية ملائمة.  

خيارات السياسة

ينبغي لصناع السياسات الاستفادة من البيئة المواتية السائدة حالياً لإرساء ضمانات تقي من المخاطر المالية التي تلوح في الأفق.

وقد احتفظ التعافي الاقتصادي العالمي بصلابته حتى الآن في مواجهة التقلبات الكبيرة في الأسواق المالية – لكن المستثمرين وصناع السياسات ينبغي ألا يطمئنوا كثيراً إزاء الوضع الراهن. بل ينبغي أن يتابعوا عن كثب المخاطر المصاحبة لارتفاع أسعار الفائدة، وزيادة تقلب الأسواق، وتصاعد الحمائية. فالاحتمال كبير بأن يكون الطريق القادم مليئاً بالعثرات.

*****

توبياس آدريان يشغل منصب المستشار المالي ورئيس إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي. وبهذه الصفة، يتولى قيادة عمل الصندوق المعني بالرقابة على القطاع المالي والسياسات النقدية والاحترازية الكلية والتنظيم المالي وإدارة الدين والأسواق الرأسمالية. وبالإضافة إلى ذلك، يشرف السيد آدريان على أنشطة بناء القدرات في البلدان الأعضاء. وقبل انضمامه إلى الصندوق، كان نائبا أقدم لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك والمدير المشارك لمجموعة البحوث والإحصاء.

وقد قام السيد آدريان بالتدريس في جامعتي برينستون ونيويورك ونُشِرت له أعمال عديدة في الدوريات المتخصصة في الاقتصاد والعلوم المالية، بما في ذلك American Economic Review وJournal of Finance وJournal of Financial Economics وReview of Financial Studies. والسيد آدريان حاصل على درجة الدكتوراه من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ودرجة الماجستير من كلية لندن لعلوم الاقتصاد، ودبلوم من جامعة غوته في فرانكفورت، ودرجة الماجستير من جامعة دوفين في باريس. وقد تلقى دراسته الثانوية في الآداب والرياضيات في مدرسة Humboldtschule Bad Homburg.