تقرير آفاق الاقتصاد العالمي

تعافٍ يزداد قوة 

يوليو 2017

نسخة PDF

  • لا يزال تحسن النمو العالمي المتوقع في عدد إبريل من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي يسير على الطريق الصحيح، حيث يُتوقع أن ينمو الناتج العالمي بمعدل 3.5% في 2017 و 3.6% في 2018. ووراء توقعات النمو العالمي التي لم تتغير تستتر المساهمات القُطْرية المتباينة إلى حد ما. فتوقعات النمو للولايات المتحدة أقل مما كانت عليه في إبريل، وهو ما يرجع في الأساس إلى افتراض أن سياسة المالية العامة ستكون أقل توسعا في الفترة المقبلة مقارنة بالتوقعات السابقة. وقد رُفِعَت توقعات النمو لليابان وكذلك لمنطقة اليورو بشكل خاص، حيث حقق النشاط الاقتصادي مفاجآت إيجابية تشير إلى قوة الزخم في أواخر 2016 وأوائل 2017. ورُفِعَت توقعات النمو للصين أيضا، في انعكاس لقوة الربع الأول من عام 2017 وتوقعات استمرار الدعم من المالية العامة. ولا يزال التضخم مكبوحا في الاقتصادات المتقدمة وأقل من المستويات المستهدفة بوجه عام، كما يواصل التراجع في عدة اقتصادات صاعدة، مثل البرازيل والهند وروسيا.
  • وتبدو المخاطر المحيطة بتنبؤات النمو العالمي متوازنة إلى حد كبير على المدى القصير، لكن الكفة السلبية لا تزال هي الأرجح على المدى المتوسط. فعلى الجانب الإيجابي، يمكن أن يكون التعافي الدوري أقوى وأكثر استمرارية في أوروبا، حيث تراجعت المخاطر السياسية. وعلى الجانب السلبي، ترتفع احتمالات حدوث تصحيح في السوق بسبب التقييمات السوقية العالية ودرجة التقلب بالغة الانخفاض في بيئة من عدم اليقين الكبير بشأن السياسات، مما قد يؤثر على النمو ومستوى الثقة. ومع التحول إلى سياسات أكثر دعما في الصين، وخاصة النمو الائتماني القوي، تزداد مخاطر انخفاض النمو على المدى المتوسط. ويمكن أن تؤدي عودة السياسة النقدية العادية في بعض الاقتصادات المتقدمة، ولا سيما الولايات المتحدة، إلى تضييق الأوضاع المالية العالمية بأسرع من المتوقع. وقد ناقش عدد إبريل 2017 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي مخاطر أخرى لا تزال بارزة حتى الآن، ومنها التحول إلى السياسات الانغلاقية والمخاطر الجغرافية-السياسية.
  • ويبلغ النمو العالمي المتوقع للفترة 2017-2018 معدلات أقل من متوسطات ما قبل الأزمة، وخاصة في أكثر الاقتصادات تقدما والاقتصادات الصاعدة والنامية المصدرة للسلع الأولية، وإن كان أعلى من المقدر لعام 2016 وهو 3.2% . وبين أكثر الاقتصادات تقدما والاقتصادات الصاعدة والنامية المصدرة للسلع الأولية، هناك عدد كبير يواجه طاقة إنتاجية زائدة وتيارات معاكسة للنمو الممكن تأتي من شيخوخة السكان وضعف الاستثمار وبطء التحسن في الإنتاجية. ونظرا لضعف التضخم الأساسي وتراجُع ضغوط الأجور، ينبغي أن تظل مرتكزات السياسة متسقة مع رفع التوقعات التضخمية وفقا للأهداف الموضوعة، وسد ثغرات الناتج، بالإضافة إلى استعادة التوازن الخارجي – حيثما كان ذلك ملائما. وتشكل الإصلاحات الرامية إلى تعزيز الناتج الممكن عنصرا ضروريا في كل البلدان، بل إن بطء نمو الناتج الكلي يزيد من أهمية توزيع المكاسب المحققة على كل مستويات الدخل. وينبغي مراعاة المراقبة الدقيقة للمخاطر المحيطة بالاستقرار المالي في كثير من الاقتصادات الصاعدة، كما ينبغي أن تواصل البلدان المصدرة للسلع الأولية التكيف مع انخفاض الإيرادات، مع العمل على تنويع مصادر النمو بالتدريج.  

الاقتصاد العالمي يحتفظ بقوته الدافعة

لا يزال التعافي الدوري جارٍ. فبالمقارنة مع التنبؤات الواردة في عدد إبريل من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، حقق النمو نتائج أعلى في الربع الأول من عام 2017 في الاقتصادات الصاعدة والنامية الكبرى كالبرازيل والصين والمكسيك، وعدة اقتصادات متقدمة من بينها كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. وتنبئ المؤشرات عالية التواتر للربع الثاني من العام باستمرار تحسن النشاط الاقتصادي العالمي. وعلى وجه التحديد، لا يزال النمو في التجارة العالمية والإنتاج الصناعي أعلى بكثير من معدلات 2015-2016 رغم تراجعه عن الوتيرة بالغة القوة المسجلة في أواخر 2016 وأوائل 2017. وتنبئ مؤشرات مديري المشتريات (PMIs) باستمرار قوة قطاعي التصنيع والخدمات.

السلع الأولية والتضخم: تراجعت أسعار النفط انعكاسا لارتفاع مستويات المخزون في الولايات المتحدة وزيادة العرض. كذلك شهد التضخم الكلي بعض التراجع مع انحسار الأثر المترتب على تعافي أسعار السلع الأولية في النصف الثاني من 2016، ولا يزال في مستويات أقل بكثير مما يستهدفه البنك المركزي في معظم الاقتصادات المتقدمة. أما التضخم الأساسي فقد ظل مستقرا بوجه عام، كما كان مستقرا إلى حد كبير في الاقتصادات الصاعدة مع انخفاض كبير في بضعة بلدان مثل البرازيل وروسيا.

أسواق السندات والأسهم: تعافت عائدات السندات طويلة الأجل في الاقتصادات المتقدمة في أواخر يونيو وأوائل يوليو الجاري، بعد ما شهدته من تراجع منذ شهر مارس الماضي. وقام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل في يونيو، ولكن الأسواق لا تزال تتوقع مسارا شديد التدرج في عودة الولايات المتحدة إلى السياسة النقدية العادية. وفي فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، سجلت فروق العائد على السندات تقلصا حادا مقارنة بألمانيا نتيجة لتراجع عدم اليقين الانتخابي وتزايُد قوة إشارات النمو. ولا تزال أسعار الأسهم قوية في الاقتصادات المتقدمة، مما يشير إلى استمرار تفاؤل الأسواق بشأن أرباح الشركات. وهناك تفاؤل في الأسواق أيضا بشأن الآفاق المتوقعة للأسواق الصاعدة حسبما يتبين من ارتفاع الأسعار في أسواق الأسهم وبعض التقلص الإضافي في فروق أسعار الفائدة. وتعتبر صادرات النفط استثناء من هذا النمط، نظرا للتراجع الملحوظ في أسعار النفط منذ مارس الماضي.    

أسعار الصرف والتدفقات الرأسمالية: مع نهاية يونيو، كانت القيمة الفعلية الحقيقية للدولار الأمريكي قد تراجعت بنحو 3.5% عن مارس الماضي، بينما ارتفع سعر اليورو بمقدار مماثل في ظل زيادة الثقة في تعافي منطقة اليورو وانخفاض المخاطر السياسية. وعلى مدار نفس الفترة، كانت تغيرات سعر صرف العملات المختلفة في الأسواق الصاعدة متواضعة نسبيا، مع بعض الارتفاع في سعر البيزو المكسيكي نظرا لتشديد السياسة النقدية وانخفاض القلق بشأن الاحتكاكات التجارية الأمريكية، وهبوط سعر الريال البرازيلي مع عودة عدم اليقين السياسي. وحافظت التدفقات الرأسمالية إلى الاقتصادات الصاعدة على قوتها في الشهور القليلة الأولى من عام 2017، مع تحسن ملحوظ في تدفقات استثمار الحافظة الداخلة من غير المقيمين.

تنبؤات بتحسن النمو العالمي في 2017 و 2018

  • يقدر النمو العالمي لعام 2016 بنحو 3.2%، وهو أعلى بقليل من تنبؤات إبريل 2017، مما يعكس في الأساس ارتفاع النمو إلى حد كبير في إيران وزيادة قوة النشاط الاقتصادي في الهند عقب ما أُجري من تعديلات في الحسابات القومية. وتشير التنبؤات إلى تسارُع النشاط الاقتصادي في كل من الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الصاعدة والنامية في 2017، ليصل إلى 2% و 4.6% على الترتيب، مع توقُّع بقاء النمو العالمي عند معدل 3.5% دون تغيير عن تنبؤات شهر إبريل . وتشير التنبؤات إلى نمو الاقتصادات المتقدمة بمعدل 1.9% في 2018، بانخفاض قدره 0.1 نقطة مئوية عن تنبؤات عدد إبريل 2017 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، ونمو الاقتصادات الصاعدة والنامية بمعدل 4.8% دون تغيير عن تقديرات الربيع الماضي . ولا تزال التنبؤات تشير إلى نمو عالمي قدره 3.6% في عام 2018. ويرجع تعديل التنبؤات في الأساس إلى الانعكاسات الاقتصادية الكلية للتعديلات التي أُدخلت على افتراضات السياسة لأكبر اقتصادين في العالم، وهما الولايات المتحدة والصين، على النحو الذي نناقشه أدناه.

الاقتصادات المتقدمة

  • تم تخفيض تنبؤات النمو للولايات المتحدة من 2.3% إلى 2.1% في عام 2017 ومن 2.5% إلى 2.1% في 2018. وفي حين أن تخفيض تنبؤات 2017 يرجع في جانب منه إلى ضعف نتائج النمو في الربع الأول من العام، فإن أهم عامل وراء تعديل تنبؤات النمو، وخاصة لعام 2018، هو افتراض أن سياسة المالية العامة ستكون أقل توسعا من المفترض في السابق نظرا لعدم اليقين بشأن توقيت وطبيعة التغييرات في سياسة المالية العامة الأمريكية. وقد انحسرت أيضا توقعات السوق المتعلقة بدفعة التنشيط المالي.  
  • كذلك تم تخفيض تنبؤات نمو المملكة المتحدة لعام 2017 على أثر النشاط الأضعف من المتوقع في الربع الأول من العام.
  • وفي المقابل، تم رفع توقعات النمو لعام 2017 بالنسبة لكثير من بلدان منطقة اليورو، بما فيها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، حيث كان النمو للربع الأول من 2017 أعلى من التوقعات بشكل عام. ويشير هذا، بالتوازي مع التعديلات الموجبة في معدلات النمو المتوقعة للربع الرابع من 2016 والمؤشرات عالية التواتر للربع الثاني من 2017، إلى الزخم الأقوى الذي اكتسبه الطلب المحلي مقارنة بالمتوقع في السابق.
  • كذلك تم رفع تنبؤات النمو لعام 2017 بالنسبة لكندا، حيث أدت قوة الطلب المحلي إلى دعم النمو في الربع الأول من العام ليصل إلى 3.7% وتنبئ المؤشرات بنشاط اقتصادي قوي في الربع الثاني من العام، وبصورة محدودة في اليابان، حيث تَعَزَّز النمو في الربع الأول من العام بدعم من الاستهلاك الخاص والاستثمار والصادرات.

الاقتصادات الصاعدة والنامية

من المتوقع أن تشهد الاقتصادات الصاعدة والنامية تحسنا مستمرا في النشاط الاقتصادي، حيث يرتفع النمو من 4.3% في 2016 إلى 4.6% في 2017 و 4.8% في 2018. وتعكس هذه الأرقام رفع التوقعات عما كانت عليه في شهر إبريل بنسبة 0.2 نقطة مئوية لعام 2016 و 0.1 نقطة مئوية لعام 2017. وكما تشير أحدث تنبؤات "آفاق الاقتصاد العالمي"، يرتكز النمو في الأساس على البلدان المستوردة للسلع الأولية، ولكن التعافي يرجع بدرجة مهمة إلى تحسن الأوضاع التدريجي في كبرى البلدان المصدرة لها بعد الركود الذي شهدته في 2015-2016 والذي كان تراجع أسعار السلع الأولية سببا في حدوثه أو عاملا مساهما في تفاقمه في كثير من الحالات.

  • ومن المتوقع أن يظل معدل النمو في الصين 6.7% في 2017، وهو نفس المستوى الذي كان عليه في 2016، وألا ينخفض إلا بقدر متواضع في 2018 ليصل إلى 6.4% . وقد تم رفع التنبؤات لعام 2017 بنسبة 0.1 نقطة مئوية، مما يعكس النتائج الأقوى من المتوقع في الربع الأول من العام بدعم من تيسير السياسة السابق والإصلاحات المتعلقة بالعرض (بما في ذلك جهود تخفيض الطاقة الزائدة في القطاع الصناعي). وبالنسبة لعام 2018، يأتي رفع التوقعات بنسبة 0.2 نقطة مئوية ليعكس في الأساس توقع تأخير السلطات لعملية التصحيح المالي اللازمة (وخاصة بالحفاظ على مستوى الاستثمار العام المرتفع) لتحقيق هدفها المتمثل في مضاعفة إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لعام 2010 بحلول عام 2020. غير أن هذا التأخير يتسبب في زيادات كبيرة في حجم الديون، ومن ثم زادت أيضا مخاطر التطورات السلبية المحيطة بسيناريو التوقعات الأساسي.  
  • ومن المتوقع أن يزداد تحسن النمو في الهند في عامي 2017 و 2018، تمشيا مع تنبؤات إبريل 2017. وبينما تباطأ النشاط الاقتصادي عقب مبادرة سعر الصرف، فقد كان النمو في 2016 – الذي بلع معدله 7.1% - أعلى من المتوقع بسبب قوة الإنفاق الحكومي وتعديلات البيانات التي أظهرت زخما أقوى في الجزء الأول من العام. ومع انتعاش التجارة العالمية وارتفاع الطلب المحلي، من المتوقع أن يظل النمو قويا في اقتصادات آسيان-5 بمعدل يقارب 5%، مع نتائج قوية عموما في الربع الأول من العام تؤدي إلى رفع التوقعات بدرجة طفيفة لعام 2017 مقارنة بما ورد في عدد إبريل من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي".
  • وفي أوروبا الصاعدة والنامية، من المتوقع أن يتحسن النمو في 2017، مدفوعا في الأساس بارتفاع النمو المتوقع لتركيا، حيث تعافت الصادرات التركية بقوة في الربع الأخير من 2016 والربع الأول من 2017 بعد أربعة أرباع عام من الانكماش المتوسط، كما يُتوقع أن تزداد قوة الطلب الخارجي مع تحسن الآفاق لدى شركاء منطقة اليورو التجاريين. أما الاقتصاد الروسي فمن المتوقع أن يتعافى بالتدريج في 2017 و 2018، وفقا لما ورد في تنبؤات شهر إبريل.  
  • وبعد الانكماش الذي حدث في 2016، من المتوقع أن يحقق النشاط الاقتصادي تعافيا تدريجيا في أمريكا اللاتينية في الفترة 2017-2018 مع خروج بضعة بلدان – من بينها الأرجنتين والبرازيل – من حالة الركود. فمقارنةً بعدد إبريل 2017 من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، تشير التنبؤات الحالية إلى ارتفاع النمو في البرازيل في 2017 بالنظر إلى قوة الأداء في الربع الأول من العام، ولكن استمرار ضعف الطلب المحلي وزيادة عدم اليقين على الساحة السياسية وعلى صعيد السياسات سيؤديان إلى إبطاء وتيرة التعافي، ومن ثم تخفيض النمو المتوقع في 2018. وقد رُفِعت تنبؤات النمو في المكسيك لعام 2017 من 1.7% إلى 1.9% نظرا لقوة النشاط الاقتصادي في الربع الأول من العام، مع عدم تغير التنبؤات لعام 2018. وتأتي معظم التعديلات في التنبؤات الموضوعة لبقية بلدان المنطقة على الجانب السلبي، بما في ذلك زيادة تدهور الأوضاع في فنزويلا.
  • ومن المتوقع أن يشهد النمو تباطؤا شديدا في 2017 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، مما يرجع في الأساس إلى تباطؤ النشاط في البلدان المصدرة للنفط، على أن يتعافى مجددا في عام 2018. ولم يطرأ على تنبؤات2017- 2018 تغير يُذْكَر عما ورد في عدد إبريل 2017 من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، ولكن التقديرات تشير إلى أن نتائج النمو كانت أقوى بكثير في 2016 نظرا لارتفاع النمو في إيران. وإذا استمر ما حدث من انخفاض في أسعار النفط مؤخرا، فمن الممكن أن يشكل عبئا أكبر على آفاق النمو للبلدان المصدرة للنفط في المنطقة.
  • وفي إفريقيا جنوب الصحراء، لا تزال الآفاق محفوفة بالتحديات. فمن المتوقع أن يرتفع النمو في 2017 و 2018، ولكن نصيب الفرد سيعود بالكاد إلى مستويات موجبة هذا العام بالنسبة للمنطقة ككل – بينما سيظل سالبا في ثلث بلدان المنطقة تقريبا. وتأتي الزيادة الطفيفة في توقعات النمو لعام 2017 مقارنة بعدد إبريل 2017 من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" انعكاسا للتحسن المحدود في آفاق النمو لجنوب إفريقيا التي تشهد محصولا زراعيا وفيرا في الوقت الراهن بفضل زيادة سقوط الأمطار وزيادة الإنتاج التعديني بدافع من التحسن المعتدل في أسعار السلع الأولية. غير أن الآفاق لا تزال صعبة بالنسبة لجنوب إفريقيا، مع ارتفاع عدم اليقين السياسي وضعف ثقة المستهلكين والأعمال، ومن ثم خُفِّضَت تنبؤات النمو المقدرة لها بالنسبة لعام 2018.

المخاطر

تتسم المخاطر بالتوازن إلى حد كبير على المدى القصير، لكن الكفة السلبية لا تزال هي الأرجح على المدى المتوسط. وتنقسم المخاطر المحيطة بالتنبؤات المتعلقة بالولايات المتحدة إلى شقين؛ فإذا حدث تنشيط مالي (كإصلاح الضرائب الخافض للإيرادات)، يمكن أن يرتفع نمو الطلب والناتج في الولايات المتحدة إلى مستوى أعلى من تنبؤات السيناريو الأساسي. ومن ناحية أخرى، يمكن أن ينخفض هذا النمو إذا طُبِّقت إجراءات التقشف القائمة على خفض الإنفاق حسب المقترح في موازنة الإدارة الأمريكية. وعلى الجانب الإيجابي، يمكن أن يكون تحسن النشاط في منطقة اليورو، مع قوة المشاعر السائدة في السوق وانخفاض المخاطر السياسية، أقوى وأكثر دواما مما تشير التوقعات الحالية. وعلى الجانب السلبي، إذا استمر عدم اليقين بشأن السياسات لمدة طويلة أو وقعت صدمات أخرى، يمكن أن يحدث تصحيح في تقييمات السوق المرتفعة، وخاصة بالنسبة للأسهم، ويزداد التقلب عن مستوياته الحالية بالغة الانخفاض. ويمكن أن يؤثر ذلك بدوره على الإنفاق والثقة بوجه عام، ولا سيما في البلدان التي يشوبها الكثير من مواطن الضعف المالي. ومن شأن انخفاض أسعار السلع الأولية أن يفاقم الضغوط الاقتصادية الكلية ويجعل احتياجات التعديل أكثر تعقيدا في كثير من البلدان المصدرة للسلع الأولية. وهناك مخاطر أخرى على الجانب السلبي تهدد قوة التعافي وديمومته، ومنها:

  • امتداد عدم اليقين بشأن السياسات لفترة طويلة: رغم انخفاض المخاطر المتعلقة بالانتخابات، فإن عدم اليقين بشأن السياسات لا يزال مرتفعا والاحتمال كبير بأن يزداد ارتفاعا لأسباب مثل السياسات التنظيمية والمالية الأمريكية التي يصعب التنبؤ بها أو المفاوضات بشأن ترتيبات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو المخاطر الجغرافية-السياسية. ويمكن أن يوثر هذا على الثقة، ويكبح الاستثمار الخاص، ويضعف النمو.
  • التوترات المالية: في الصين، يمكن أن يؤدي عدم استمرار التركيز الموجه في الآونة الأخيرة لمعالجة مخاطر القطاع المالي وكبح النمو الائتماني المفرط (لا سيما عن طريق تشديد قواعد السياسات الاحترازية الكلية) إلى تباطؤ حاد في النمو تنتقل تداعياته السلبية إلى البلدان الأخرى من خلال قنوات التجارة وأسعار السلع الأولية والثقة. ويمكن أن تؤدي عودة السياسة النقدية العادية في الولايات المتحدة بسرعة أكبر من المتوقع إلى تضييق الأوضاع المالية العالمية وتحويل مسار التدفقات الرأسمالية الموجهة للاقتصادات الصاعدة، إلى جانب ارتفاع سعر الدولار الأمريكي الذي يفرض على الاقتصادات الصاعدة أعباء الرفع المالي الكبير أو ربط العملات المحلية بالدولار الأمريكي أو أوجُه عدم الاتساق في الميزانيات العمومية. وفي نفس الوقت، إذا كان مثل هذا التشديد للسياسة النقدية انعكاسا لتحسن الآفاق المتوقعة للولايات المتحدة، فإن شركاءها التجاريين سيستفيدون من انتقال آثار الطلب الإيجابية. وفي بعض بلدان منطقة اليورو، يمكن أن تتفاعل الميزانيات العمومية المصرفية الضعيفة وآفاق الربحية غير المواتية مع ارتفاع المخاطر السياسية لتصبح مصادر قلق على الاستقرار المالي، كما أن ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل يمكن أن يجعل ديناميكية الدين العام أكثر سوءا. وأخيرا، يمكن أن يؤدي التراجع واسع النطاق عن المستوى القوي للتنظيم والرقابة الذي تحقق في القطاع المالي – قومياً ودولياً - منذ وقوع الأزمة إلى خفض هوامش الأمان التي يتيحها رأس المال والسيولة أو إضعاف فعالية الرقابة، مع ما يسببه ذلك من تداعيات على الاستقرار المالي العالمي.
  • السياسات الانغلاقية: على المدى الأطول، يمكن أن تظهر الحمائية وتعوق الإصلاحات المواتية للسوق إذا لم يتم رفع النمو الممكن وتحقيق نمو أكثر احتوائية يصل إلى كل شرائح السكان. ومن بين النتائج الممكنة حدوث انقطاعات في سلاسل العرض العالمية وانخفاض الإنتاجية العالمية وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية التجارية لتصبح أبعد عن متناول المستهلكين، وهو ما يضر بالأسر منخفضة الدخل أكثر من الفئات الأخرى.
  • وبالنسبة للعوامل غير الاقتصادية، يمكن أن يتأثر النشاط الاقتصادي بالمعوقات التي تفرضها التوترات الجغرافية-السياسية المتصاعدة، والنزاعات السياسية المحلية، والصدمات الناشئة عن ضعف الحوكمة والفساد.

وتتسم هذه المخاطر بالترابط ويمكن أن يدعم كل منها الآخر. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يقترن التحول إلى السياسات الانغلاقية بزيادة التوترات الجغرافية-السياسية بالإضافة إلى تزايد العزوف عن تحمل المخاطر على مستوى العالم؛ ويمكن أن تفرض الصدمات غير الاقتصادية عبئا مباشر يعوق النشاط الاقتصادي ويضر بالثقة والمشاعر السائدة في السوق؛ كما يمكن أن يؤدي تشديد الأوضاع المالية العالمية بوتيرة أسرع من المتوقع أو التحول إلى الحمائية في الاقتصادات المتقدمة إلى نشأة ضغوط تدفع إلى خروج التدفقات الرأسمالية من الأسواق الصاعدة.  

السياسات

ومن ثم ستكون خيارات السياسة عنصرا حاسما في تشكيل الآفاق والحد من المخاطر.

  • زيادة الزخم: نظرا لما يواجه البلدان من أوضاع دورية متباينة، لا يزال من الملائم اتخاذ مواقف مختلفة على صعيد السياسة النقدية وسياسة المالية العامة. ففي الاقتصادات المتقدمة، حيث لا يزال الطلب ضعيفا والتضخم بالغ الانخفاض، ينبغي استمرار الدعم من السياسة النقدية وكذلك سياسة المالية العامة (حيثما أمكن). وفي بلدان أخرى، ينبغي استعادة السياسة النقدية العادية بالتدريج، وفقا للتطورات الاقتصادية، وتركيز سياسة المالية العامة على دعم الإصلاحات الرامية إلى توسيع إمكانات العرض في الاقتصاد. وفي البلدان التي تحتاج إلى الضبط المالي، ينبغي أن يتم ذلك من خلال إجراءات مواتية للنمو. وعلى اقتصادات الأسواق الصاعدة أن تستمر في السماح لأسعار الصرف بتوفير هامش أمان ضد الصدمات، حيثما أمكن.
  • جعل النمو صلبا ومتوازنا: جهود التعجيل بإصلاح خلل الميزانيات العمومية في القطاع الخاص وضمان بقاء الدين العام في حدود يمكن تحملها تشكل ركائز بالغة الأهمية لتحقيق تعافٍ صلب. وتكتسب نفس الأهمية جهود كل من بلدان الفائض والعجز لتخفيض الاختلالات المفرطة في الحسابات الجارية.
  • الحفاظ على نمو مرتفع واحتوائي على المدى الطويل: يدعو هذا الهدف إلى إصلاحات هيكلية جيدة التسلسل والتصميم لدعم الإنتاجية والاستثمار، واتخاذ إجراءات لتضييق الفجوات بين الجنسين من حيث المشاركة في سوق العمل، وتقديم دعم فعال للمتضررين من التحولات التكنولوجية أو التجارية.
  • وفي البلدان النامية منخفضة الدخل، ينبغي إجراء عملية تصحيحية كبيرة لمعالجة الاختلالات الاقتصادية في البلدان المصدرة للسلع الأولية بوجه عام، وهو تحد يمكن أن يزداد صعوبة في البلدان المصدرة للوقود إذا استمر انخفاض أسعار النفط. وتتفاوت أولويات السياسة في مختلف البلدان النامية منخفضة الدخل، نظرا لتنوع ظروفها، ولكن الهدف الرئيسي لهذه الاقتصادات ينبغي أن يتمثل في تعزيز صلابتها في مواجهة الصدمات المستقبلية المحتملة عن طريق تقوية مراكز ماليتها العامة وحيازاتها من الاحتياطيات الأجنبية في فترة النمو القوي.
  • ويعتبر وجود إطار كفء متعدد الأطراف للعلاقات الاقتصادية الدولية أحد العناصر المهمة الأخرى لتحقيق نمو احتوائي متوازن وقوي وقابل للاستمرار. وكما يوضح التاريخ، لن يؤدي السعي لتطبيق سياسات ترتكز على منافسات خاسرة إلا إلى الإضرار بكل البلدان معا. ولأن السياسات القومية لا مفر من أن تتفاعل وتخلق تداعيات عبر البلدان، فإن الاقتصاد العالمي يعمل بصورة أفضل كثيرا بالنسبة للجميع حين ينخرط صناع السياسات في حوار منتظم ويعملون في ظل آليات متفق عليها لتسوية الخلافات. ويكتسب وجود نظام تجاري عالمي مفتوح وقائم على القواعد أهمية خاصة للرخاء العالمي، ولكنه يجب أن يكون مدعوما بسياسات محلية لتيسير التكيف، ليس فقط مع التجارة وإنما أيضا مع التغير التكنولوجي السريع.
  • وفي نفس الوقت، ينبغي أن يواصل المجتمع الدولي تطويع النظام متعدد الأطراف لمقتضيات الاقتصاد العالمي المتغير. وسيساعد الحوار والتعاون النشط على تحسين هذه القواعد وتحديثها، مع معالجة المخاوف القُطْرية المشروعة. وستكفل هذه العملية استمرار المنافع المشتركة والمعاملة المتساوية. وإلى جانب السياسات المحلية القوية، سيساعد ذلك أيضا على تجنب الانسحاب واسع النطاق من مسار العمل التعاوني متعدد الأطراف، إما من خلال انتشار الحمائية أو التسابق التنافسي نحو أدنى مستويات الجودة في الرقابة المالية والتنظيمي، مما يمكن أن يترك البلدان في حال أشد سوءا.

الجدول 1: عرض عام لتوقعات آفاق الاقتصاد العالمي

(التغير % ما لم يذكر خلاف ذلك)

 

على أساس سنوي مقارن

 

 

الاختلاف عن توقعات عدد إبريل 2017 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي 1/

من ربع عام رابع إلى آخر/2

تقديرات

توقعات

 

تقديرات

توقعات

 

2015

2016

2017

2018

2017

2018

2016

2017

2018

الناتج العالمي

3.4

3.2

3.5

3.6

0.0

0.0

3.2

3.5

3.7

الاقتصادات المتقدمة

2.1

1.7

2.0

1.9

0.0

-0.1

2.0

1.9

1.9

الولايات المتحدة

2.6

1.6

2.1

2.1

-0.2

-0.4

2.0

2.0

2.3

منطقة اليورو

2.0

1.8

1.9

1.7

0.2

0.1

1.8

1.9

1.7

ألمانيا

1.5

1.8

1.8

1.6

0.2

0.1

1.8

1.9

1.5

فرنسا

1.1

1.2

1.5

1.7

0.1

0.1

1.2

1.7

1.5

إيطاليا

0.8

0.9

1.3

1.0

0.5

0.2

1.1

1.1

1.0

إسبانيا

3.2

3.2

3.1

2.4

0.5

0.3

3.0

3.0

2.1

اليابان

1.1

1.0

1.3

0.6

0.1

0.0

1.6

1.2

0.5

المملكة المتحدة

2.2

1.8

1.7

1.5

-0.3

0.0

1.9

1.4

1.4

كندا

0.9

1.5

2.5

1.9

0.6

-0.1

2.0

2.3

2.0

اقتصادات متقدمة أخرى 3/

2.0

2.2

2.3

2.4

0.0

0.0

2.5

2.1

2.7

اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية

4.3

4.3

4.6

4.8

0.1

0.0

4.2

4.9

5.2

كومنولث الدول المستقلة

-2.2

0.4

1.7

2.1

0.0

0.0

0.6

1.5

2.0

روسيا

-2.8

-0.2

1.4

1.4

0.0

0.0

0.3

1.5

1.8

ما عدا روسيا

-0.5

1.8

2.5

3.5

0.0

0.0

...

...

...

آسيا الصاعدة والنامية

6.8

6.4

6.5

6.5

0.1

0.1

6.3

6.6

6.5

الصين

6.9

6.7

6.7

6.4

0.1

0.2

6.8

6.4

6.4

الهند 4/

8.0

7.1

7.2

7.7

0.0

0.0

6.0

8.0

7.6

مجموعة آسيان-5 5/

4.9

4.9

5.1

5.2

0.1

0.0

4.8

5.2

5.2

أوروبا الصاعدة والنامية

4.7

3.0

3.5

3.2

0.5

-0.1

3.3

2.0

4.2

أمريكا اللاتينية والكاريبي

0.1

-1.0

1.0

1.9

-0.1

-0.1

-1.3

1.6

2.1

البرازيل

-3.8

-3.6

0.3

1.3

0.1

-0.4

-2.5

1.5

1.7

المكسيك

2.6

2.3

1.9

2.0

0.2

0.0

2.3

0.9

3.2

الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان

2.7

5.0

2.6

3.3

0.0

-0.1

...

...

...

المملكة العربية السعودية

4.1

1.7

0.1

1.1

-0.3

-0.2

2.2

0.6

1.4

إفريقيا جنوب الصحراء

3.4

1.3

2.7

3.5

0.1

0.0

...

...

...

نيجيريا

2.7

-1.6

0.8

1.9

0.0

0.0

...

...

...

جنوب إفريقيا

1.3

0.3

1.0

1.2

0.2

-0.4

0.4

1.3

1.1

للتذكرة

البلدان النامية منخفضة الدخل

4.6

3.6

4.6

5.2

-0.1

-0.1

...

...

...

النمو العالمي على أساس أسعار الصرف القائمة على السوق

2.7

2.5

2.9

3.0

0.0

0.0

2.6

2.8

3.0

حجم التجارة العالمية (سلع وخدمات) 6/

2.6

2.3

4.0

3.9

0.2

0.0

...

...

...

الاقتصادات المتقدمة

4.0

2.3

3.9

3.5

0.2

-0.1

...

...

...

اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية

0.3

2.2

4.1

4.6

0.1

0.3

...

...

...

أسعار السلع الأولية (بالدولار الأمريكي)

النفط 7/

-47.2

-15.7

21.2

0.1

-7.7

0.4

16.2

6.2

-0.8

غير الوقود (متوسط على أساس أوزان الصادرات السلعية العالمية)

-17.5

-1.8

5.4

-1.4

-3.1

-0.1

9.9

0.1

0.1

أسعار المستهلك

الاقتصادات المتقدمة

0.3

0.8

1.9

1.8

-0.1

-0.1

1.2

1.7

2.0

اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية 8/

4.7

4.3

4.5

4.6

-0.2

0.2

3.7

4.0

3.9

سعر الفائدة السائد بين بنوك لندن (%)

على الودائع بالدولار الأمريكي (ستة أشهر)

0.5

1.1

1.6

2.2

-0.1

-0.6

. . .

. . .

. . .

على الودائع باليورو (ثلاثة أشهر)

-0.0

-0.3

-0.3

-0.2

0.0

0.0

. . .

. . .

. . .

على الودائع بالين الياباني (ستة أشهر)

0.1

0.0

0.0

0.1

0.0

0.1

. . .

. . .

. . .