خمسة أشياء ينبغي أن تعرفها عن الصندوق وأهداف التنمية المستدامة

بقلم: توني أنيت وكريستوفر لين

بالرغم من أننا نعيش في عصر زاخر بالثروات والإنجازات التكنولوجية غير المسبوقة، فلا يزال مليارات البشر يعانون من الفقر والجوع والاستبعاد والصراع. وتصطدم القوة الماحقة للاقتصاد العالمي بحدود الأمان البيئي، بما في ذلك التغير الخطير في المناخ عن طريق احتراق الوقود الأحفوري.

وتمثل أهداف التنمية المستدامة – التي أقرها 193 بلدا عضوا في 2015 كبرنامج عمل للسياسات حتى نهاية 2030 – استجابة شاملة لهذه المجموعة المعقدة من التحديات المتشابكة. ويشارك الصندوق في الجهود المبذولة لتحقيق هذه الأهداف حيثما كانت مؤثرة على الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام والاحتوائي. وفيما يلي خمسة أشياء ينبغي معرفتها عن كيفية مساعدة الصندوق للبلدان في الوصول إلى هذه الأهداف، في سياق الأركان الخمسة لأهداف التنمية المستدامة ، وهي السكان، والازدهار، وكوكب الأرض، والسلام، والشراكات.

1- السكان- تعزيز الدمج : يدخل الدمج في نطاق المهام المنوطة بالصندوق، وهو ما يعود إلى ميثاق تأسيس الصندوق والذي يؤكد أهمية الحفاظ على مستويات عالية من التوظيف – الذي يشكل بدوره محركا أساسيا للدمج الاجتماعي. وفي تاريخ أقرب، توضح أبحاثنا أن ارتفاع مستويات عدم المساواة في توزيع الدخل يرتبط بنمو اقتصادي أدنى وأقل استمرارية وقدر أكبر من عدم الاستقرار المالي. وبالمثل، تشير الأدلة إلى أن تقليص الفجوات بين الجنسين يرفع إنتاجية الاقتصاد ونموه وصلابته. وقد أصبح الصندوق يتناول في مشورته بشأن السياسات قضايا عدم المساواة و المساواة بين الجنسين في أي وقت أو حالة تُرتأى فيها أهمية هذه القضايا للاستقرار الاقتصادي والنمو الاحتوائي. ومن ثم، يواصل الصندوق استكشاف السبل التي تتيح استخدام سياسة المالية العامة لتخفيض عدم المساواة — عن طريق الإنفاق على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية وضمان تصاعدية النظم الضريبية. وبالنسبة لقضايا الجنسين، يركز الصندوق على الجهود الرامية إلى تشجيع مشاركة المرأة في الاقتصاد، وخاصة عن طريق تصميم سياسات الضرائب والإنفاق – وهو ما يعرف بالميزانية المراعية للنوع الاجتماعي.

2- الازدهار – دعم النمو والوظائف والحد من الفقر : يشكل تعزيز النمو، وخاصة في البلدان منخفضة الدخل ، شرطا أساسيا لازما لنجاح أهداف التنمية المستدامة. وفي هذا الصدد، يركز الصندوق على خلق حيز مالي للاستثمارات الداعمة للنمو والخافضة للفقر في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية والإنتاجية الزراعية، إلى جانب السياسات الداعمة لزيادة تنوع النشاط الاقتصادي. كذلك يستكشف الصندوق السياسات الكفيلة بمعالجة التحديات ذات الصلة بمستقبل العمل ، نظرا للاضطرابات المترتبة على التغير التكنولوجي. ويكتسب هذا أهمية خاصة في سياق بطالة الشباب، وهو مصدر لكثير من الاستياء حول العالم. والصندوق بصدد إعادة تقييم منهجه المتبع في التعامل مع الإنفاق الاجتماعي، وهو أداة حيوية للحد من الفقر وجعل النمو أكثر استدامة. فالحماية الاجتماعية، على سبيل المثال، تشكل ركيزة من ركائز خطة الإصلاح الأرجنتينية التي يدعمها الصندوق.

3- كوكب الأرض – الانخراط في إجراءات لمواجهة تغير المناخ : قليلة هي التحديات العالمية الأكثر إلحاحا وتعقيدا من الحاجة لمعالجة تغير المناخ عن طريق نظام الطاقة عديمة الانبعاثات الكربونية على مدار العقود الثلاثة القادمة، وهو ما تدعو إليه اتفاقية باريس. ومن المقومات الضرورية لهذا التحول في مجال الطاقة هو التأكد من أن أسعارها تعبر عن تكاليفها الصحية والبيئية، سواء من حيث انبعاثات الكربون أو تلوث الهواء. ومن ثم، يساعد الصندوق البلدان في تسعير انبعاثات الكربون وإلغاء دعم الطاقة. وقد استحدث الصندوق أيضا تقييمات لسياسات مواجهة تغير المناخ تساعد البلدان الأكثر تعرضا للخطر، مثل سيشل و سانت لوسيا ، على الاستعداد لآثار الاضطرابات المناخية، كما يعمل على تعجيل صرف التمويل الطارئ للبلدان التي تصيبها صدمات مناخية حادة.

4- السلام – تعزيز الحوكمة والتصدي للفساد : تشكل المؤسسات القوية القائمة على الحوكمة الرشيدة العمود الفقري للمجتمعات الآمنة والاحتوائية وركيزة تنبني عليها الأهداف الأخرى. ويعمل الصندوق على تعجيل وتيرة العمل في هذا المجال . وقد وجد الصندوق أن الفساد وضعف أطر الحوكمة يرتبطان بانخفاض كبير في النمو، والاستثمار، والاستثمار الأجنبي المباشر، والإيرادات الضريبية. وعلى ذلك، فقد أطلق إطارا جديدا يهدف إلى المشاركة في جهود البلدان الأعضاء بصورة أكثر منهجية ومساواة وفعالية وصراحة. وفي نفس الوقت، يكثف الصندوق جهوده لبناء القدرات وتعزيز المؤسسات داخل البلدان – مع تركيز خاص على الدول الهشة والواقعة في دائرة الصراعات، وهي أماكن يواجه فيها تنفيذ أهداف التنمية المستدامة تحديات فريدة.

5- الشراكات – تمويل أهداف التنمية المستدامة : هناك تكلفة تقترن بأهداف التنمية المستدامة. فسيتطلب تحقيقها زيادة كبيرة في الإنفاق العام في كثير من البلدان. ويدعم الصندوق هذه الأهداف بعدة سبل. فعلى جانب الإنفاق، يعمل على وضع إطار عريض لتقييم احتياجات الإنفاق بالتركيز على دراسات حالة لعدد من البلدان – بنن وغواتيمالا وإندونيسيا ورواندا وفييت نام – دعماً لتحقيق بعض أهداف التنمية المستدامة عالية التكلفة – أي الصحة والتعليم والبنية التحتية. وتُبذل هذه الجهود بالتعاون مع مسؤولي البلدان، والبنك الدولي، ووكالات الأمم المتحدة. وبالنسبة للتمويل، سيكون من الضروري تعزيز الطاقة الضريبية، وخاصة لأن ارتفاع مستويات الدين في البلدان منخفضة الدخل يضع عراقيل أمام التقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. غير أن الإيرادات المحلية وحدها لن تكفي لسد فجوة التمويل في معظم البلدان النامية، مما يدعو إلى زيادة المعونة الرسمية وخيارات التمويل الخاص.

إن أهداف التنمية المستدامة تجسد المتطلبات الأساسية للكرامة الإنسانية والازدهار بالنسبة للجيل الحالي والقادم، وذلك من خلال ما تحدده من غايات واضحة لجعل التنمية أكثر استدامة واحتوائية. وفي هذا الصدد، تعتبر مساعدة البلدان على اجتياز خارطة الطريق المتعلقة بالسياسات ذات الصلة من الأمور التي تعلَّق عليها أهمية قصوى – وهو ما يعمل الصندوق على أساسه أيضا. *****



أنتوني أنيت يعمل مساعدا لمدير إدارة التواصل بالصندوق. وفي الفترة 2014-2017، كان مستشارا في مركز التنمية المستدامة التابع لجامعة كولومبيا، حيث ركز على التقاطع بين الأخلاقيات والاقتصاد والتنمية المستدامة. وكان السيد أنيت قد انضم إلى الصندوق في 1998، وشغل منصب كاتب خطب المدير العام في الفترة من 2009-2014. وهو حاصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كولومبيا، ودرجة الليسانس والماجستير في الآداب من كلية ترينيتي كوليدج دبلن. وفي 2017، حصل على الدكتوراه في الآداب الإنسانية مع مرتبة الشرف من الكلية الدومينيكية للفلسفة واللاهوت حيث أصبح عضوا في هيئة زملاء الكلية. والسيد أنيت هو عضو أيضا في مجلس قيادة شبكة حلول التنمية المستدامة.

كريستوفر لين يعمل ممثلاً خاصاً للصندوق في الأمم المتحدة. ومنذ انضمامه إلى الصندوق، ركز في مسيرته العملية على السياسات الاقتصادات الكلية والتنمية الاقتصادية في الأسواق النامية والصاعدة. وقبل التحاقه بالمنصب الحالي في الأمم المتحدة كان مسؤولاً عن العمليات والسياسة في حوالي 70 سوقاً نامياً منخفض الدخل في الفترة 2012-2016، بما في ذلك مبادرات السياسة الرامية إلى تخفيف ديون البلدان التي تواجه كوارث في مجال الصحة العامة (كفيروس الإيبولا) وتعزيز شبكة الأمان المالي في البلدان النامية. وقد شارك السيد لين أيضا في عمل الصندوق المعني بليبيريا ومالي وروسيا وتركيا وليتوانيا ونيجيريا من حيث السياسات والجوانب التشغيلية.